حيثما ذهبتُ هذه الأيام، تنهال علي الأسئلة بشأن من هو المرشح المرجح فوزه بالترشيح «الديمقراطي» للانتخابات الرئاسية؟ ومن هو المرشح المحتمل فوزه بالرئاسة؟
سأقول دائماً إنه ما من وسيلة الآن للإجابة عن هذا السؤال، لكنهم كثيراً ما يردون: حسناً، إنك تعرف أكثر منا.
أجل، أعرف أن التنبؤات في هذه المرحلة لا معنى لها وغير مسؤولة؛ فثمة الكثير من الأجزاء المتحركة التي يمكن أن يكون لها تأثير هام ومباشر على السباق، ولا نعرف مآلها، على غرار القضايا المعروضة على المحاكم ومحاكمة العزل. وثمة أشياء أخرى يصعب التنبؤ بها، مثل أزمة وطنية أو دولية. والأسبوع الماضي، أظهر ترامب السلطة الكبيرة التي يمتلكها الرئيس لخلق مثل هذه الأزمة، مع اغتيال قاسم سليماني في العراق. ولا نعلم حتى الآن ما الذي دفع ترامب للقيام بذلك. فالإدارة الأميركية قالت إن سليماني كان يخطط لهجمات على المصالح الأميركية. لكن مثلما قالت قناة «سي إن إن»، فإن «عدم وجود أدلة تقدم للمشرّعين والجمهور غذّى مشاعر التشكيك بشأن ما إن كانت الضربة مبرَّرة». هذا إضافة إلى حقيقة أن الرئيس قدّم في السابق معلومات غير صحيحة، وهو متشبث بهذا الأسلوب.
لقد تراجع الحديث عن العزل، بينما أخذت أعمدة الصحف وتحليلات البرامج الإخبارية التلفزيونية تركز على تغطية الهجوم، والمخاوف من انتقام إيراني، والسؤال الأوسع بشأن ما يعنيه كل هذا بالنسبة لمصالحنا في الشرق الأوسط.
المرشحون «الديمقراطيون» يناقشون الآن «ما بعد الضربة»، إضافة إلى الرعاية الصحية، وهو موضوع أصبح يطبع السباق. وبينما يحدث كل هذا، ينظر الناخبون إلى المرشحين من خلال عدسات مختلفة. فالمرشحون الذين يُعتبرون أقوياء في السياسة الداخلية قد لا يتمتعون بنفس الامتياز في السياسة الخارجية. ولهذا، فإن هذه الأزمات غير المتوقعة قد تقلب حملة رئاسية بالكامل.
ونذكر كيف غيّر انهيار مؤسسة «ليمان براذرز» وبداية الأزمة المالية، السباق الرئاسي في 2008. لقد كان الناس يشعرون بالخوف الشديد، وبدا أن ثمة مزيداً من الأخبار السيئة يومياً في القطاع المالي. وأصبح هذا الخوف جزءاً من حسابات الناخبين، فاستفاد من ذلك باراك أوباما الذي عرف كيف يحافظ على هدوئه تحت الضغط. وبينما علّق جون ماكين حملته الانتخابية للعودة إلى واشنطن، في خطوة بدا أنها تنم عن الدراما والاستعراض أكثر منها عن الإدارة الحكيمة، رفض أوباما القيام بذلك قائلاً: «سيكون جزءاً من مهمة الرئيس أن يكون قادراً على التعاطي مع أكثر من موضوع في وقت واحد». ورأى الناخبون ووسائل الإعلام الاختلاف في طريقة رد الرجلين على الأزمة، فتغيرت حظوظهما.
حدثت الأزمة المالية على بعد مسافة زمنية قصيرة نسبياً عن انتخابات 2008. أما هذه السنة، فما زالت هناك 10 أشهر على موعد الانتخابات. وسيكون ثمة الكثير من التطورات والأحداث لدرجة تجعل التنبؤ بنتيجة الانتخابات غير ممكن. وهناك على الأقل خمسة قرارات مهمة للمحكمة العليا ستصدر قبل يونيو المقبل. ووفق آدم ليبتاك من صحيفة «نيويورك تايمز»، فإنها تتعلق بقضايا قد تغيّر الحوار العام، وربما تُحدِث أزمة ثقافية. فهي قضايا ستحدد ما إن كانت المحاكم ستقيد حقوق الإجهاض، وقد تعيد النظر في قضية «رو ضد وايد»، وما إن كان ترامب يستطيع تجريد «الحالمين» (أطفال المهاجرين غير القانونيين) من الحماية القانونية.
وإلى ذلك، فإننا لا نستطيع التنبؤ بخطورة حادث إطلاق النار الجماعي التالي، أو بمن سيكون ضحاياه. ولا نعرف أي الكوارث الطبيعية ستحدث، أو كيف سيرد ترامب وخصومه الديمقراطيون عليها.. لذلك لا نستطيع أن نكون واثقين بشأن المرشح الذي سيكون أحسن نقيض لترامب في التعاطي مع هذه المواضيع.
وعليه، فنصيحتي للديمقراطيين هي: كفوا عن القلق، واهتموا بما تستطيعون فعله، وقوموا بالاختيار بناءً على المعلومات التي لديكم، فالمرشح القوي سيكون قادراً على التصدي لأي أزمة، وتلك طبيعة الرئاسة.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/01/05/opinion/democrats-2020.html